الاتكالية والتواكل يؤدي بك للتهلكة وتنسيك نفسك

أرأيت يوماً في حياتك شخصاً يعتمد على نفسه في كل شيء بدءً من مأكله ومشربه وكذلك غيرها من الأعمال في البيت والعمل وخارجه ولا يخدمه أحد غالباً أو دائماً إلا نفسه؟!

الإنسان المعتمد على ذاته يستطيع العيش براحة وسلام مع ذاته لأنه مع الناس وبدونهم سيكون بخير وقادر على أن يعيش بسعادة واستئناس مع ذاته، ولن يشكل الناس بحياته إلا نعمة من الله كقيمة مضافة جميلة بحياته وليسوا هم حياته كلها، ولا غايته رضا الناس بل رضاه عن نفسه هو الغاية الأساسية لديه.

وأما الإنسان الاتكالي والمتواكل دائماً ما ينسى نفسه وحقيقتها لأنه دائم الاعتماد على الغير، وحياته كلها مرتبطة بغيره في عمله وخارجه وفي منزله وحتى في غرفته الخاصة وهمه رضا الناس عنه لا رضاه عن نفسه، وكل ذلك لأنه لا يعمل لأجل نفسه الأعمال البسيطة التي لا تكلف ولا تأخذ من وقته شيئاً، وهذا يحصل معه فقط لأنه اعتمد كثيراً على الغير وأصبح الاعتماد عليهم والتوكل عليهم أكثر من اعتماده على ذاته وتوكله على الله ثم نفسه، وهذا النوع من البشر يتعوّد يوماً وراء آخر على نمط حياة اعتمادية على غيره من أهله وزوجه وخدمه وزملاءه وأصدقاءه وكل من حوله؛ ولكنه لن ينتبه بأنه ينسى نفسه بينهم وعندما يبتعد الناس عنه ويتركونه لإزعاجه الدائم لهم بالاعتماد عليهم والتواكل عن فعل أي شيء بل كل شيء حتى، وحينها سيبقى وحيداً يعتدُّ بنفسه وكبرياءه ولسان حاله يقول أنا لا يهمني ابتعادهم عني وهم الخاسرون، ولكن سرعان ما يسقط ذلك الاعتداد بالذات حين يعود لحياته بلا قدرته على الاعتماد على ذاته وإنما على غيره وهذا سيؤدي به للتهلكة فهو ليس قادر على إنجاز عمله لمديره لأن زميله دائماً ينجزه عنه بحجة مساعدته والحقيقة هي أنه يتواكل ويوكل غيره بعمله، وفي البيت لن يستطيع أن يأتي حتى بكوب ماء لنفسه ولا حتى صنع وجبة جيدة له لأنه لم يعتد على العمل بالمطبخ والطبخ لنفسه ولأهله، وحتى حين يريد تنظيف ملابسه وترتيبها فإنه لن يعرف كيف يفعل ذلك لأنه دائم الاعتماد ما على غيره في إدارة شؤون حياته كلها، وحتى غرفته الخاصة ستكون بحالة فوضى عارمة تماماً بسبب ذلك أيضاً.

 

وبعد فوات الأوان فإن الإنسان المتواكل سيفكر بنفسه وسيندم كثيراً على اتكاليته على الغير وتواكله عن فعل أي شيء من شؤونه الشخصية القريبة والبعيدة، ولن يستطيع أن تكون له علاقة طيبة بأحد ممن حوله من أهله وأصحابه وزملاءه وكل من حوله وحتى مع ذاته، وبعكس الإنسان المعتمد على نفسه فهو سيحظى بعلاقة رائعة مع ذاته واعتماده عليها ومع غيره، ولا بأس عنده بمساعدة الغير له ولكن غالب حياته ومسيرتها هو من يسيرها بنفسه لا بغيره، وبذلك يكون المعتمد على نفسه أكثر قرباً لنفسه وللغير في آن واحد، فاترك عنك الكسل والاعتماد على الغير من أهل وخدم وأصدقاء وغيرهم في كل صغيرة وكبيرة في حياتك، وتوكل على الله واعتمد على نفسك في تسيير حياتك كما ينبغي لها أن تسير، واستمتع بحياتك فأنت ستعيشها مرة واحدة فقط، فعشها كما ينبغي لك أن تعيشها وبلا أي ندم، واستمتع بذاتك وحياتك بمشاعرك وعملك أنت.

 

تم تحريرها يوم الجمعة بتاريخ 24/11/2017،

وتم تعديلها يوم الأحد بتاريخ 23/06/2024،

بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توق وشوق لمن يسكن أعماقك رغم كل شيء

تألق وألق يخترق أبعاد الكون