لن تخبرك الحياة بمكان الوجهة لذا ما يغير حياتك ليس الصدفة بل اختيارك

الإنسان بطبعه يحب الإيمان بمنطق الصدف الحياتية، والصدفة معناها اقتران حدث بآخر دون تسبيب بينهما، ويختلف تفسيرها باختلاف الشخص الذي يرصدها، وعلى الرغم من أنّها عادةً ما تعتبر أمرًا خارقًا للعادة للكثير من البشر، إلا أنه في علم الاحتمالات والإحصاء معظم الصدف يكون لحدوثها احتمال كبير، هذا وقد أثرت الصدفة في وجه العالم وغيرته كما يُعرف الآن.
ونحن بحياتنا اليومية نصادف كل أنواع الصدف سواءً التي تعطينا مشاعر ايجابية، سلبية، غير معروفة، أو مختلطة جميعاً، وهو أمر اعتدناه في حياتنا ونتصرف معه بعفوية بعيشها كلحظات بكل ما فيها من مشاعر وسنحتفظ بما يسعدنا منها وسنتخلص مما يضرنا منها.
وبالتالي فهي أمر نعتبره عادياً ولكنها في الحقيقة ليست هكذا فقط بل إنها أمر مميز جداً وخاصة إن غيرنا صدفنا بما يفيدنا، وأعني بذلك أن نجعلها صدفاً لا مثيل لها وذلك عبر استغلال الفرص في حياتنا بمغامرة ومباردة منا في كل مالا يتنافى مع مقاصد الدين والأخلاق والقيم.
وهنالك مثال حي لفتاة أعرفها على تسخير كل صدفها بحلوها ومرها بما يفيدها ويجعل حياتها أفضل ونفسيتها مرنة أكثر، وهي قد أرادت دراسة تخصص جامعي تحبه ولكنها درست غيره وندمت من أعماقها على اختيارها شيء لا يناسبها وذلك لأنها لم تعرف نفسها آنذاك وهذا آذاها نفسياً وجسدياً وعملياً في كل شيء من بيتها وعلاقتها بأهلها لحد علاقتها بمحيطها وصولاً لدراستها إلى أن يأست كأي انسان سيفعل في مكانها، ولكنها في حدث ما في حياتها تعلمت أنها ليست ضحية الظروف والبيئة وإن كان في ذلك نسبة معينة من الصحة؛ فذلك لا يعني أنها ليست مسؤولة عن حياتها وبدأت تتعلم شيئاً فشيئاً كيف تحلل محيطها وبالذات نفسها وتواجهها بكل ما فيها من عيوب وكذلك ايجابياتها، وكلما سقطت في فخ الضحية تستوعب ذلك ولو بعد مدة، وحين ذلك تعمل على تجاوز ما جعلها تسقط في ذلك الفخ وبالفعل اجتازت واحداً تلو الآخر بصعوبة ولكنها استطاعت ذلك لأنها آمنت بقدرتها وقوتها على تغيير حالها للأفضل، وكلما تجاوزت محطة صعبة في حياتها وبالذات في نفسيتها كافأت نفسها بهدية منها لنفسها ولم تكن بالفعل تشعر بأي شيء تجاه ما تفعله نفسها لنفسها ومع ذلك استمرت بفعل ذلك لتعتاد عليه وهي آمله أن تتأثر به يوماً.
ويوماً تلو الآخر كانت تتعمق في نفسها لتتكشف مواطن ضعفها وانكارها لها ولذاتها، وكانت تجرح نفسها وتتألم ولكنها تتقبل نفسها في الآخر وتكتشف أنها أفضل وأقوى لأنها تعرف نفسها أكثر، وذلك جعلها تدرك أنها تمارس تحليلاً نفسياً معرفياً سلوكياً لذاتها، وهذا جعلها تعرف أنها بالفعل تحب التحليل النفسي وتحب المعرفة وتحب معرفة أسباب سلوك الناس تجاه أي شيء وأي أحد بحياتهم بدايةً بنفسها، وهو أمر ليس بالغريب فقد أثبت ماضيها بتعاملها من الغير أنها تساعد غيرها بكل ما يخص علم النفس ويتعلق به من معارف من تكيف وايجابية وغيرها الكثير.
وهذا منحها فرصة لتتخرج من تخصصها الأول الذي اعتبرته فرصة للتغيير وصدفة لطيفة من الحياة لتستفيد منه مستقبلاً لتدرس علم النفس ولو بنفسها إن لم تتيسر لها الدراسة بالخارج أو في بلدها، وهو ما فعلته بقراءاتها في ذات المجال بكثرة وببحثها في الإنترنت عن كل ما يخصه.
ومع الوقت وصدفة وصلها برنامج مهاراتي للإرشاد النفسي وقد كانت صدفة يمكنها أن تكون جيدة أو سيئة بحسب استغلالها للفرصة في هذه الصدفة بطريقة تنفعها قدر الاستطاعة، وهو ما فعلته بمشاركتها فيه والتي بالكاد أتتها موافقة والديها عليه.
وبهذا فإنه يجب عليكم أن تتعلّموا بل وتعلموا بأنكم لستم وحدكم من تعانون بحياتكم وأنكم لستم ضحايا البيئة والأسرة والمجتمع إلا بنسبة ١٠% وربما أقل و٩٠% وأكثر بيدكم لتغيروا بها حياتكم عبر استغلال الفرص في صدفاتكم التي تتحول لاختياركم الذي ربما تفتخروا أو تندموا بسببه، ولذلك فاجعلوا اختياركم أمراً لا تندمون عليه.
وابذلوا جهدكم فيما تحبون وحققوا أحلامكم وادعوا ربكم وسيكون دوماً معكم ما دمتم موقنين بذلك، وإلى جانب ذلك تذكروا أن التوكل على الله يكون بدعاءه والأخذ بالأسباب (أي العمل) الذي تبذلونه للوصول لما تريدون، وبالنهاية أريد أن أقول أمراً واحداً "انهضوا من وهمكم بأنكم لا تتحكمون بحياتكم، وابذلوا الأسباب بالعمل الصادق باستغلال الصدف التي تعطيكم فرصة لتغيير حياتكم؛ فأنتم أقوياء وتستحقون الأفضل" وستصلون كما وصلت هذه الفتاة وغيرها لأحلامهم ولبداية طريقكم لها (أحلامكم).


المراجع:
https://sotor.com/تعريف-الصدفة/#.D8.AA.D8.B9.D8.B1.D9.8A.D9.81_.D8.A7.D9.84.D8.B5.D8.AF.D9.81.D8.A9

بقلم الكاتبة
ريم القحطاني
فِكرْ
^_^

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توق وشوق لمن يسكن أعماقك رغم كل شيء

تألق وألق يخترق أبعاد الكون