رائحة الذكريات في الصيف
في صباح يوم اعتيادي، استيقظت مع إخوتي وأخواتي بهدوء للصلاة. بعدها انشغل الجميع في شؤونهم، فمنهم من عاد للنوم، ومنهم من بقي مستيقظا، ومنهم من ذهب للعمل مبكرا ،،، إلخ حسب شأن كل فرد منهم.
وفي بداية الصيف، تحديداً في وقت صباح مبكر قبل شروق الشمس شممت رائحة تكاثف الندى والرطوبة والحرارة، فتذكرت ذكريات أسميها "رائحة الذكريات". بالطبع هناك أنواع عديدة لرائحة ذكريات أي إنسان منا بين جميلة وقبيحة، دافئة وباردة ،،، إلخ.
وقد تشكلت رائحة ذكريات طفولتي في فصول السنة الأربعة سنة بعد الأخرى، ويوماً بعد آخر. كانت ممتعة ومفيدة رغم أجواء طقس كل فصل من عوامل برد، ورياح، ورعد، وبرق، وحر،،، إلخ.
وبالنسبة لمدرستي بالابتدائية والإعدادية، فقد كانت مدرسة مفتوحة، وأعني بذلك أن الساحة الداخلية للمدرسة فوقها فقط مظلة تظللنا من الشمس، لكننا نشعر بكل أجواء أي طقس بحسب كل فصل. حيث لم تكن كمدارسنا اليوم مغلقة ومكيفة، فلم يكن هنالك مكيفات لدينا سوى في الصفوف وغرف المعلمات. ووقتها، كان الصيف ممتعاً جداً بصحبة المعلمات والزميلات. بالإضافة إلى ذلك، فقد كان لكل فصل رائحته الخاصة وأعمقها في ذكرياتي هي رائحة الصيف بداية صباح كل يوم، من حرارة ورطوبة ممزوجة بندى الصباح قبل شروق الشمس.
وهذه الرائحة التي تستجلب العميق من ذكرياتي البعيدة في داخلي تشعرني بالحنين والأمان، بالتوق والشوق بشدة وبعمق. كنا نلعب في الساحة الداخلية والساحة الخارجية، ونذهب في الفسحة لمقصف المدرسة (الكافتيريا) بركض قوي لنسبق غيرنا ونأخذ ما نريد أكله قبل أن ينتهي، وهكذا دواليك رغم الحر والبرد والهواء والغبار ،،، إلخ. كما كنا نلعب ألعاباً مرسومة على الأرض، مثل (الصبة، القيس ،،، إلخ)، وهي ألعاب تُلعب إما بحجر واحد أو عدة أحجار. كنا نستمتع بشكل لا يمكن تخيله في جو بساطة ممتع جداً كل يوم.
وكنا نشعر بمختلف أجواء كل فصل، ففي الشتاء نشعر بالبرد والرعد والبرق والمطر ونتبلل ونستمتع، حتى أن معلماتنا كن يخرجننا لنستمتع بالجو الجميل بين حين لآخر. وأيضاً في فصل الصيف كنا نشعر بالحر والرطوبة بشدة، ولكننا نستمتع ونلعب الغميضة وشرطي حرامي ،،، إلخ. فمن يتذكر هذه الذكريات فليبتسم.
وشممت اليوم صدفة رائحة الصيف وانتابني شعور حنين مؤلم لكنه جميل ولطيف، وبشوق وتوق خاصةً لأيام طفولتي في المدرسة. كانت بسيطة، ممتعة، لطيفة، وربما مرهقة ومتعبة لكنها مذهلة لا يمكن تعويضها.
وأعتقد أن كل فرد ممن يقرأ مقالي الآن ومن لم يقرأه حتى من أناس قريبين أو بعيدين منكم، باختلافاتهم في الجنس والعرق وغيره يشتمون روائح ذكريات لهم لأي مرحلة في حياتهم بين وقت لآخر، فتكون عزيزة وغالية عليهم.
فإفخر بذكرياتك وبقدرتك على استجلاب بعض منها أو كلها وسط عالمنا المنشغل واستمتع برائحتها والمشاعر التي تأتيك بها.
وأود أن أن أنوه أن "رائحة الذكريات" كنز فريد ومميز بحياة كل منا، فأنا سعيدة وحزينة بتذكر ذكريات هذه الأيام بكل ما فيها. سعادتي تتمثل في تذكرها بلطف، وحزني يتمثل في شوقي لها.
تم تحريره بتاريخ 2022/06/23 اليوم الخميس،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق