عصفورة تشفى بكلمة ولمسة دافئتين
في يوم ما كان هنالك عصفورة صغيرة تسبح في السماء الفسيحة بكل حرية بصحبة أصدقاءها العصافير، لكنها تفتقد شيئاً ما بداخلها، شعور ما ينقصها ويؤلمها صدرها بسببه. المشكلة أنها لا تعرف ماهيته مهما فكرت وتأملت في داخلها.
وذات يوم، سقطت العصفورة بسبب بعض الصغار المشاغبين الذين رموها بالحجارة فجرح جناحها وسقطت أرضاً، ولم ينتبه أحد من العصافير لها كونها كانت تهرب هي بدورها من هؤلاء الصغار ورمي الحجارة عليهم.
وصرخت العصفورة طالبة النجدة مراراً وتكراراً، لكن لا أحد يسمعها وصوتها بدأ تدريجياً يخفت ويقل لتعبها وتعب حلقها ونفاذ طاقتها.
ومع الوقت، فقدت الصغيرة الأمل بأن يساعدها أحد، وحاولت تتحرك لمكان آمن دافئ يقيها من المطر الذي هطل بغزارة ليلتها، ولكونها مجروحة لم تستطع سوى الدخول في مكان داخل جذع شجرة كبيرة، وكانت ترتجف برداً وزاد الألم بجناحها المتضرر الأمر سوءً.
وبعد بعض الوقت غلبها النوم بسبب التعب الشديد بعدما لجأت لعمق جذع الشجرة. وفي صباح اليوم التالي، استيقظت مرهقةً وما أن فتحت عينيها الصغيرتين رأت ضوء الشمس الدافئ يدفئها.
وتفاجأت حين وجدت أن جرح جناحها مضمد بعناية بورق الشجر وبشكل نظيف، فنظرت هنا وهناك تبحث عمن ساعدها ومهما بحثت حولها لم تجد أحداً أبداً، وعادت لمكانها خائبة لكونها لم تجد من ساعدها لشكره.
واستطاعت بعدها الطيران بصعوبة فوق الشجر بمكان قريب من الأرض لترتاح عليه، وظلت تخاطب نفسها آملة أن تجد من ساعدها بلطف دون مقابل. حينها سمعت صوتاً صادراً من الشجرة يخاطبها: "هل أنت بخير أيتها العصفورة الصغيرة؟" ففزعت العصفورة وكادت تسقط فلفتها الأوراق لتثبتها فلا تسقط، وتفاجأت حينها حين رأت الشجرة الكبيرة تخاطبها بعينيها الدافئة، فردت العصفورة: "نعم، أنا بخير، لكن هل أنتِ من ساعدني؟"، فردت عليها: "نعم يا صغيرتي. لم أستطع تركك باردة متألمة وخائفة"، فردت عليها: "شكرا لكِ، أنا ممتنة جداً لكِ"، "لا شكر على واجب" ردت الشجرة.
وبعد عدة أيام بصحبة الشجرة، استمتعت بهذه الصحبة التي بعثت الدفء بداخلها وأسعدتها، وعاشا بصحبة بعضهما حتى عادت العصافير من جديد بعد فترة ووجدت أن العصفورة التي اختفت بخير وسعيدة، ثم عرفتهم على الشجرة وحكت لهم قصتها.
الغاية من هذه القصة اللطيفة الدافئة هي ألا تستسلم مهما مررت بوقت عصيب حتى لو جرحت وتألمت ورأيت أن كل أبوابك مقفلة في وجهك، فلا تقنط من رحمة الله وتوجه إليه وسيرزقك ربك بصحبة خيرة لطيفة ودافئة ولو بعد حين.
وكن على يقين بأنك تستحق كل خير وكن طيباً ومحترماً مع نفسك ومع الغير. وأؤكد لك من جديد أن كل إنسان يستحق الدفء واللطف لتغمره السعادة، لكن عليه بالعمل والأخذ بالأسباب، وعليه صنع حياته بيده وتحمل مسؤوليته تجاه نفسه وحياته.
تم تحريرها يوم الثلاثاء،
بتاريخ 2023/08/08
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق