لا بأس إن لم تكن بخير
يمر الإنسان في حياته بالعديد من الانجازات التي يتخللها الكثير والكثير من التحديات والعثرات. هي سنة الحياة في هذا الكون التي أوجدنا الله فيها ليختبرنا.
ويبتلي الله سبحانه وتعالى عبده المؤمن الذي يحبه، فلا تقنط من رحمة الله وامضِ لطلب الخير بالعلم والعمل، وثمّنْ وقتك وجهدك وحياتك التي مُنحت لك منه سبحانه، وجِدْ معناها واستمتع بحياتك بما حلله الله لك.
وقد تجد نفسك يوماً خلال مسيرة انجازاتك الكبيرة غير قادر على تجاوز بعض العثرات فيخيب ظنك في نفسك، وقد تجد أنك غير قادر على التنفس فتتعب وتشعر بالاختناق والارهاق والألم وبمشاعر مختلطة سلبية تضيعك في فضاءها فلا تدري أين أنت وما الذي يحصل لك ومعك. ما الخطب؟ لماذا أنا هكذا؟ هل فعلت شيئاً خاطئاً؟ هل هو عمل سحر أو عين أو حسد من الناس؟ هل أنا ضرّيت نفسي بحسد أو عين دون أن أعرف؟ هذه التساؤلات وغيرها ستجتاحك كعاصفة هوجاء لا بوصلة لها ولا تجاه. لكن حينها تنفس الصعداء وبعمق مهما كانت حالتك ومهما بكيت وتألمت أو حتى أحسست بعجز في البكاء من شدة وقع حالتك عليك. اطمئن فأنت تمر بفترة صعبة وطبيعية في حياتك وحياة أي إنسان في أنحاء العالم وفي كل بقاع البسيطة التي نعيش عليها.
والواجب عليك وقتها أن تفكر بما أنجزته سابقاً وأن تفخر به مهما شعرت بأن مشاعرك مختفية ومتذبذبة وقد لا تشعر بها وتعجز عن إدراكها، وأكرر "اطمئن، ولا بأس إن لم تكن بخير". نعم، لا بأس إن لم تكن بخير، فكلنا بشر وتمر بنا محطات في حياتنا صعبة ومريرة قد تسلبنا بعض الراحة والسعادة وقد تغمرنا بالألم والضيق واللاشعور والخواء والفراغ. كن على يقين أنك حين تصل لهذه المرحلة في حياتك وتشعر أنك ضائع فاعلم يقيناً أنك تتقدم وبقوة في الحياة واكتشاف حقيقتك وتحقيق ذاتك، وما تحتاجه هو طلب العون.
ولذلك اطلب العون والمساعدة من أهل الاختصاص، فلن يشعر بألمك وحالك غيرك، ولا تسمع لكلام الغير بأن تقوم بالرقية على نفسك فقط وأنها عين أو حسد أو سحر أو غيره من الأمور الكهنوتية التي لا يقبلها ربنا ولا عقل ولا منطق ولا شعور حتى، وذلك لأن من يخبرك بكل هذا الهراء والكلام الفارغ لو شعر ببعض ألمك وحالك لسبقك للطبيب والأخصائي النفسي لطلب العون والمساعدة. لا بأس بالرقية الذاتية للنفس فهي حق وواجب علينا من الله لنا لحماية ذواتنا وقت الصحة والمرض، ولكن بالمقابل وإلى جانبها اطلب العون وستجده دائماً، فقد وجد العلم لمساعدتنا وسخره الله لنا.
وكما أخبرتك قبل قليل بأنه "لا بأس إن لم تكن بخير"، ولكن كن عوناً لنفسك بنفسك واحمِ حياتك وذاتك، فإن لم تفعل ذلك فلن يفعلها غيرك. وأكرر للمرة المليون ودائماً وأبداً بأنه "لا بأس إن لم تكن بخير، لكن اطلب العون وعُد لحياتك بقوة مذهلة".
افخر بنفسك، فمن يشعر بالألم رغم انجازاته، فهذا يعني أنه يعلو ويسمو بذاته ليحققها، وهو أسعد البشر في الدنيا والآخرة لإيمانه بذاته التي وهبه الله إياها وبقوته في إعمار الأرض وعبادة ربه. كن أنت أنت واسمو واعلو واستمتع بحياتك، ونل ما تستحق في الدارين. هنيئاً لك بنفسك وهنيئاً لنفسك بك.
تم تحريرها يوم الأربعاء بتاريخ ٢٠٢١/٠٥/١٩م،
وتم تعديلها يوم الخميس بتاريخ ٢٠٢٤/٠٤/٢٥،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق