كن أنت كما أنت وعش لنفسك وروحك
"الإنسانُ كائنٌ اجتماعيٌ بطبعه" مقولة للفيلسوف اليوناني أرسطو، وهي تعبر باختصار عن أهمية أن يعيش الإنسان بين البشر لتحقيق توازنه النفسي العاطفي ولتحقيق إنسانيته بتعامله مع غيره ممن حوله بقيمه وأخلاقه الراقية والعميقة، فلا يمكن للإنسان أن يعيش لوحده في هذا العالم مهما فعل فهذا الأمر ضد طبيعته التي فطره الله عليها.
وقد يحتاج الإنسان لأوقات خلوة بالنفس - بينه وبين نفسه - ويحتاج أيضا لأوقات خلوة بالروح - بينه وبين روحه بصحبة ربه -، وهذه أوقات يحتاجها الإنسان السوي بطبيعته لتحقيق ذاته والرضا عنها وتعميق روحه بغذاءها الذي تحتاجه مع ربها لترضى عن ربها أولا قبل النفس، ومن ثم العودة للواقع الاجتماعي بين البشر في مجتمعه من حوله.
وبعد الرضا عن الرب ومن ثم الرضا عن النفس، يمكنك أن تحيا بمعاني عميقة وتحيي نفسك وروحك بطهر ونقاء لا مثيل لهما لترى العالم بجمال ساحر لا يمكن أن يراه إلا من اقترنت حياته بتربية نفسية ذاتية وتربية روحية صادقة مع الرب سبحانه، لينطلق في حياته محلقا في فضاء روحه، وبالتالي يجد معنى حياته الأعظم وهو عبادة ربه ثم عمران الأرض بالعلم والعمل والجد والاجتهاد كما ينبغي بإتقان، فحبيبنا صلوات الله عليه أمرنا بإتقان العمل، فقال: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملا أنْ يُتقِنَهُ".
وعليك ثم عليك اليقين بأن رزقك عند الله وحده، وأن عليك تحمل مسؤولية نفسك تجاه نفسك وقبل ذلك تجاه روحك الطاهرة كما أمرك ربك أن تعتني بهما، وأن الروح التي بين جنبيك هي هبة وهدية من روح الرحمن سبحانه لك ولي ولكل إنسان على وجه هذه البسيطة، وسيسألنا الله عما فعلناه بهديته لنا التي وهبنا إياها للعناية بها والرقي والسمو عن طريقها، فكن أنت كما أنت بتفردك وتميزك بنفسك وروحك الجميلة وطهرها واعتنِ بهما، ولا تفكر بأن ترضي أحدا غير ربك، فرضا الناس غاية لا تدرك كما تعلم، فعش حياتك تحضيراً لفردوسك عنده سبحانه في نوره وجماله السرمدي الأبدي الذي لا يتوقف ولا ينتهي للأبد.
والأمر كله بين يديك وعليك تعميقه في داخلك ثم العمل به، وستجد في نفسك وروحك طمأنينة وسعادة لا يمكنك تصورها ولا تخيلها تربت عليك بلطف هادئ فتشعرك بقربه منك سبحانه أكثر من أي وقت مضى وبشكل لم تعهده وتعرفه من قبل.
تم تحريرها يوم الأحد بتاريخ 2024/09/22،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق