إطلالة ذكرى تساوي الكون كله وما فيه
الحياة عجيبة بحق بكل ما فيها من فرح وحزن ومختلف المشاعر، وكم هي مذهلة نعمة المشاعر التي وهبنا إياها الله وأكرمنا بها كلها ووهبنا عقلا لتحكيمها لئلا تنجرف بنا للسوء بإرتفاعها الجنوني للسماء أو إنخفاضها الشديد للقاع السحيق، فديننا وسط وحياة المرء يفترض بها أن تكون وسطا لنا كمسلمين اقتداءً بديننا الراقي الوسط وكعالمين خلقنا الله في هذا الكون الوسط المتوازن بكل ما فيه.
وكم محطة مذ ولدت ليومك هذا قد مررت بها؟! لا تعد ولا تحصى، أليس كذلك؟! لكن يطرأ بذهنك بين وقت لآخر ذكريات محددة بنوعيها الإيجابي منها والسلبي، ولذلك بدايةً عليك أن تكون فطنا وذكيا في مخاطبة مشاعرك التي تذكرك بالسلبي منها وتقول لها: "وماذا بعد؟"، "ما الذي تريدينه مني؟!"، "أجئتِ يا مشاعري لتعذبيني بلا فائدة؟"، "لا فائدة منك فاذهبي واتركيني في واقعي اليوم الآن"، ولن يكون الأمر سهلا بل صعبا ولكنه ليس مستحيلا فأنت قوي بربك وبنفسك وبروحك، ومشاعرك وأفكارك ليست أنت حقا فاطمئن وتعامل بحكمة معها ويوما وراء يوم تتعامل فيها بقوة وشجاعة مع المشاعر السلبية بما معها من أفكار سلبية لتعمل حاجز مناعة بينك وبينها للأبد فما فات مات كما نقول بيومنا الحالي.
ومن الجانب الآخر اللطيف والدافئ تجد نفسك مع ذكرياتك الطيبة والدافئة بحب وحنين لها فتبتسم ابتسامة على محياك وفي داخل قلبك وروحك كذلك، وهذه الذكريات الإيجابية التي تدفعك للأمام هي التي عليك جعلها وقود وطاقة لك للمضي في الحياة بقوة وشجاعة ولطف وطيب وجمال ودفء، ولذلك اشكر الله على هذه الذكريات الجميلة المليئة بإطلالات لا مثيل لها تطرأ بذهنك ولو لا شعوريا أحيانا فتبتسم ويتغير يومك وجوك ونفسيتك بسبب إطلالة ذكرى لطيفة ودافئة لا تقدر بثمن بالنسبة لك، وعليك التشبث بما يجلب السعادة لك من ذكريات، ولكن عليك العمل وعيش واقعك لصنع المزيد والمزيد للمستقبل مع ذات الأشخاص المعنيين بالذكريات وغيرهم، فالحياة محطات لا تنتهي إلا بنهاية حياتك فيها، فامضِ بقوة وطاقة إيجابية مذهلة وعجيبة لصنع مستقبلك المشرق والمزدهر بك وبعلمك وعملك، فأنت تستطيع.
وقد ذكرتُ في مقال سابق لي أن الذكريات لا تنسى بل تصان، وما زلت أرى ذلك لكن أريد التنبيه جيدا إلى أمر مهم جدا وهو أن الذكريات التي تصان هي الإيجابية فقط التي تمدك بالحياة والطاقة لتعيش، وأما الذكريات السلبية وتحديدا المسببة لمرض بعض البشر بأمراض نفسية مختلفة فعليهم أولا نسيان تلك الذكريات السلبية وتحديدا التي منذ طفولتهم، ونعم سيكون الأمر مستحيلا بالنسبة لهم لكن الواقع هو أن الأمر صعبٌ جدا صحيح لكنه ليس مستحيلا، فجزءٌ رئيسي لتعيش حياة طيبة سليمة دون أن يستنزفك شيء ما استنزافا سلبيا هو أن تتجاوز ذكرياتك السلبية وهو واقع سلبي قد مر وفات ومات ولن يتغير لكن تجاوزه هي القوة الحقيقية التي ستساعدك في إحياء نفسك وقلبك وروحك من جديد لتعيش مستقبلك وما تبقى من حياتك الجميلة بك وبربك، وسيحب الله منك نفسك القوية وروحك الطاهرة التي بحثت عنها لتعتني بها لأنها هبة من روحه سبحانه لك، وسيساعدك ربك بصدق نيتك بمساعدة نفسك ولجوئك لمن يساعدك من بعده سبحانه كالأخصائي النفسي مثلا، وستتيسر أمورك بإذن الله، فطلب المساعدة قوة والبقاء على حالك ضعف وسيحاسبك الله على نفسك وروحك التي وهبك إياها.
ولا تنس أن قلبك وروحك تستحقان السعادة والحب منك أولا ثم ممن حولك، وربما ما زلت تشك في كلماتي لك ولن يفاجئني ذلك، لأن التجربة خير برهان أليس كذلك؟! جرب وانظر إلى أين ستصل وافخر بذكرياتك الطيبة والدافئة، وأسأل الله لك ولكل من تحبهم وتعزهم وتعرفهم كل خير ودفء وحب وحنان وطيب في الدارين.
تم تحريره يوم الثلاثاء بتاريخ 2024/12/03،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق