أنا على العهد وسأبقى لآخر يوم في حياتي وبعد مماتي

«الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف»، ويقصد حبيبنا صلى الله عليه وسلم بذلك هو أن العلاقات بين الناس قد تكون مبنية على نوع من التجاذب الروحي أو النفسي الذي يحدث بشكل فطري.

ويمر علينا يوما بعد يوم كثير من البشر المختلفين مذ ولدنا في هذا العالم والكون حتى مماتنا، في البيئة المنزلية ثم الجيران ثم المدرسة ثم الجامعة ثم العمل وغيرها من الأماكن والأزمنة التي تكون فيها خلال فترات حياتك، وفي طريق رحلتك الطويلة تجد أناسا فريدين من نوعهم بالنسبة لك وتهفو روحك ونفسك لهم وتشعر بأنك تعرفهم منذ قرن من الزمان وليس منذ مدة ما خلال حياتك، وتكون حياتك مثيرة وممتعة بصحبة هذا النوع من البشر.

وما أجمل أن يمر بحياتك ولو شخص واحد يذكرك بربك ويشعرك بالحياة بتقوية روحك وعلاقتك بربك بشكل جميل ولطيف ودافئ ويلامس قلبك بكلماته لك!!! إن كان لديك شخص كهذا فهنيئا لك فقد رزقك الله بنعمة عظيمة لا تقدر بثمن كنوز الكون كله، فتمسك به ولا تخسره فهذا النوع من الناس نادر جدا.

ويكفيك شرفا أن حبيبنا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى. قالوا: يا رسول الله، تخبرنا من هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس».

وهذا الحديث يوضح أهمية الصحبة الصالحة بكل أنواعها وأشكالها الخالصة لوجه الله لا لوجه الدنيا، وكيف يمكن أن تكون سببا في نيل رضا الله في الدنيا والآخرة مع هذه الصحبة الطيبة.

وكم هو بديع وجميل وطاهر هذا الحب وهذه الصحبة التي توصلك أنت وصاحبك لكل خير في الدنيا ولجنة الفردوس في الآخرة!!! 

وما أجمل أن نعاهد بعضنا البعض على المضي قدما خطوة خطوة في طريق الرحمن معا مهما حدث لنا في الدنيا سواءً كنا قريبين من بعضنا أو فرقتنا الحياة لظروف ما، فالعهد بيننا وبين صحبتنا الخاصة الطاهرة لوجه الله سيبقى بيننا ما حيينا.

وينبغي لكل إنسان منا أن يكون له شخص كهذا ومن لم يكن لديه فليبحث عنه فهو قريب بإذن الله، فالله كريم يحبنا ويرزقنا بأناس يساعدوننا في سلوك طريق الصدق والعبادة بحب طاهر وجميل يغمرك بالراحة والسكينة والطمأنينة. 

وليكن في قلبك وروحك لقلب وروح هذا الشخص هذه العبارة تجديدا وتذكيرا وتأكيد للعهد بينكما، "أنا على العهد وسأبقى لآخر يوم في حياتي وبعد مماتي"، ولتتذكرا بعضكما في جنات الخلد لتكونا معا بإذنه تعالى

هنيئا لك بنفسك وهنيئا لك بصحبتك الطيبة وهنيئا لكما بأنفسكما الطاهرة في جوفيكما، والله يعلم صدقكما فثقا به وامضيا سعداء في الدارين بإذنه تعالى.



تم تحريره يوم الأربعاء بتاريخ 2024/10/23،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توق وشوق لمن يسكن أعماقك رغم كل شيء

تألق وألق يخترق أبعاد الكون