ذكريات لا تُنسى بل تُصان

من أعظم ما رزقنا الله به من نعمه سبحانه نعمة "الذاكرة"، وهذه الذاكرة هي أساس الإنسان ووجوده في الحياة وبقائه على قيد الحياة، وما أدراك ما الذاكرة وما يتعلق بها؟ 

وقد تكون ممن لم ينتبه لهذه النعمة العظيمة ألا وهي نعمة الذاكرة، وهل تعلم ما الذي يشكل هويتك وشخصيتك وذاتك ومعانيها سوى ذاكرتك - النعمة التي مُنحت لك حقا من حقوقك كإنسان من رب الإنسانية سبحانه - التي تميز وتحفظ كل ما تراه وتشعر به بحواسك الجارحة كلها من نظرٍ وشمٍّ وتذوقٍ ولمسٍ وسمعٍ؟! ولا تنس أنك محاسب عليها.

وتبدأ هذه الذاكرة بصحبتك منذ ولادتك حتى مماتك، ومؤكد أنك سمعت بأنه قبل وفاة الإنسان يمر به شريط حياته بكامل ذكرياته والله أعلم بحقيقة هذه الحقيقة، والأهم من ذلك هو أن هذه الذكريات بمختلف أنواعها هي التي تشكلك وتشكل هويتك وشخصيتك وذاتك بالشكل الذي أصبحت عليه اليوم في هذه اللحظة، ولابد أن تصون ذكرياتك الثمينة هذه وتحفظها بداخلك وتتخلص من آثار الذكريات السلبية لئلا تقيد حياتك وتكون سبب تعاستك، فالله خلقك لتكون سعيدا لا تعيسا.

وفي حياة كل إنسانٍ منا أسرار وأسرار ومحطات عديدة ومختلفة نتوقف عند بعضها طويلا وأخرى قليلا حسب أثرها علينا وكيفية تفاعلنا معها إيجابا وسلبا، وما أود حقا أن أوصله لك هو أمر غاية في الأهمية والعمق لك لتعيش حياتك وتواجه صعوباتها وتحدياتها عبر تطبيق هذا الأمر المهم بل الأهم، وهو أن الذكريات يجب ألا تُنسى بل تُصان، وصيانتها يكون بشكلين اثنين، 
فالشكل الأول: هو أن تصون ذكرياتك الإيجابية بحفظها في داخلك لتكون طاقة قوية تدفعك للأمام حين تحتاج لدفعة إيجابية قوية للأمام، فتكون طاقة لك تقودك لتنجز وتمضي بقوة لتعيش كما أمرك الله.
والشكل الثاني: هو أن تصون ذكرياتك السلبية بالتعامل بإيجابية معها والتعلم منها وتجاوزها، وإن طرأت في ذهنك من جديد لتقلقك فتذكر بأنها مضت وفاتت وانتهت وأنك إنسان قوي تعلمت منها لتصبح أفضل، فلست معصوم من الخطأ وتحديات الحياة بمختلف أنواعها، وهذا حل البشر بلا أي استثناء.

ولذلك اعتز بذكرياتك وصُنها - من الصون والحفظ - جيدا، واجعلها طاقة عظيمة تعيش حياتك بها ومعنىً من معاني الحياة الجميلة التي وهبك الله إياها، ولنحمد الله ونشكره على هذه النعمة العظيمة.

ولك أن تتخيل للحظة بعد أن تغمض عيناك لعشر دقائق أنه لا ذاكرة لديك أو أنك فقدتها لأي سبب من الأسباب، واستشعر بذلك عِظَمَ هذه النعمة - الذاكرة - والأمر متروك بيدك في صيانتها كما يجب، والأهم هو شكر وحمد ربك عليها نعمة عظيمة وعلى نعمه التي أكرمنا بها والتي لا تعد ولا تحصى، فالحمدلله والشكر له سبحانه.

وتذكر دائما، إن من حقك أمام نفسك أن تقول لها: "ذكرياتي لا تّنسى بل تُصان".


تم تحريرها يوم الأحد بتاريخ ٢٠٢٤/١١/١٧،
ريم القحطاني، فِكْرْ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توق وشوق لمن يسكن أعماقك رغم كل شيء

تألق وألق يخترق أبعاد الكون