تجاهل الحقيقة المؤلمة لا يغيرها بل يدمّر المستقبل
إن البشر بطبيعتهم يحبون منطقة الراحة (Comfort Zone) وكذلك الكذب الحاجب للحقيقة، وربما تستغربون وتسألون ما دخل الكذب في منطقة الراحة، وسوف أجيبكم على هذا، وجوابي أبدأه بقولي لكم: "نعم إن البشر يحبون منطقة الراحة والكذب معاً لتكتمل متعة اللاشيء بلا ضمير يؤنب صاحبه بل يرى نفسه بخير وكل ما حوله بخير وما يخرج عن كونه بخير يُحارب وبشدة بل ويُكَّفرُ أحياناً كثيرة، ونجد هذا بكثرة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وهذا حينما يريدون العيش مرتاحين بلا هم ولا غم فهم مستعدون للعيش ضمن كذبة لأجيال وأجيال من قبلهم ومن بعدهم بكل فخر وكبرياء، وإن جاءهم من يخالفهم بصدق الحقيقة ووجودها أمام أعينهم بالبرهان القاطع لتحل واقعاً مؤلماً ومريراً لهم عبر مواجهة هذا الواقع أولاً والاعتراف به كخطوة أولى ؛ فإن الإنسان في هذه المجتمعات التي تحب منطقة الراحة والكذب وقتها يفضل العيش في كذبته التي اعتاد عليها لسنين بل لقرون ويحارب الحقيقة وأصحابها بشراسة وقوة هائلة بدل أن يحاول أن يبذل الجهد والجرأة والقوة الهائلة هذه في مواجهة هذا الألم المرير المزمن لمعرفة ماهيته وحله ليصل للحقيقة دون تجاهلها ويحقق ما يطمح عليه بحق؛ وأما إن بقي في حلم وأمل زائفين بكذبة تجعله في منطقة الراحة متجمد محله ويتجاهل الحقيقة التي أمامه من حولنا ولا يواجهها، فسأقول له ولكل مجتمعاتنا العربية والإسلامية المتمسكة بهذه المنطقة المزمنة المريرة والكذب العقيم بأننا سنبقى نؤذي ذواتنا وغيرنا وسنثبت أكثر للعالم من حولنا بأننا متخلفون ومتكاسلون ومتواكلون وسنبقى كذلك مهما تقدم العالم من حولنا ومهما بدت حقيقة الواقع أمامنا للأسف.
وإن أردنا الفخر والمجد والقوة التي كنا عليها قبل قرون، فلنستيقظ من سباتنا الذي نحن فيه منذ قرون ولنحيي كلمة الله كما يجب في الدين لا كما يجب في العرف، ولنحيي الفكر كما يجب بإتاحة الفرصة للجميع للسؤال والتساؤل واستكشاف العالم من حولنا دون خوف، ولنرتقي برقي القيم والمبادئ التي علمنا إياها حبيبنا صلى الله عليه وسلم ولنواجه حقيقة تخلفنا بصدق وبعقل لا بعاطفة، ولنكن بادرة الأمل الحية لإحياء الأمة ونهضتها بقوة من جديد كما نريدها ويريدها الله بقوة الإسلام الحقيقي لا الإسلام العرفي إن صح تعبيري.
تم تحريرها يوم السبت بتاريخ 28/10/2017،
وتم تعديلها يوم الأحد بتاريخ 23/06/2024،
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ
تعليقات
إرسال تعليق