رُبَّ ضارَّة نافعة

الحياة لغز أبدي، فنحن نمر فيها بطرق لا حصر لها منذ ولادتنا لمماتنا. هي بسيطة، معقدة، جميلة، سيئة، ممتعة، مرهقة، ولا يمكن التنبؤ بها.

يقال لنا أن حياتنا بيدنا وأن لدينا الخيار دائماً، فهل هذا صحيح برأيك؟

حياتنا تمر بكثير من المطبات المختلفة في تلك الطرق اللانهائية، ونعيش يوماً تلو الآخر نأمل بأن ننجز شيئاً ما، وأحياناً نريد فقط للوقت أن يمضي، ومن يريد فقط أن يمضي الوقت منذ بدء اليوم لنهايته ليبدأ يوم جديد بنفس أمسه، فهذا حي ميت في ذات الوقت.
وأما من يبحث عن الجديد يختبر الكثير والكثير في حياته، فهو ابن، أخ، صديق، وإنسان له علاقاته الاجتماعية القريبة (العائلة)، والبعيدة (الأصدقاء والغير). كلها أمور قد تساعده على المضي قدما أو التوقف التام أو المشيء بخطوات مترددة وربما تعود به للخلف بدل اتخاذ خطوة للأمام.
والإنسان الباحث عن الجديد المختلف هو من يواجه كل ما يعترض طريقه بإيجابية ويتجاوزها محققاً الكثير من الانجازات برغم تحدياته مع والديه وعائلته وحتى أصدقائه ومن حوله لدرجة وصوله لغربة عميقة داخله مؤلمة لكنه يمضي بهذا الألم ويستثمره للإنجاز وتحقيق ما قيل له أنه مستحيل وهو يطيع والديه وربه ويبذل الأسباب بعد فضل وتوفيق الله له.
وهذا الانسان يواجه عثرات في طريق حاضره ومستقبله وقد يضطر للتوقف أو للعودة خطوتين للخلف، ولا بأس من ذلك ولكن يجب أن يحرص على ثقته بالله وبنفسه وبأنه سيسلك طريقه الذي يريده والذي سيسره له الله.
والحياة تضعنا بين فينة لأخرى في مواقف ضاغطة تجعل الإنسان يشعر بأنه مستنزف لا حيلة له، بل تدخله في قلق وربما اكتئاب، ويناجي ربه أن يرحمه ويخفف عنه. قد يسقط في بعض اليأس من شدة إرهاقه لكن حين يتذكر ما مرّ فيه ويفكر بنظرة ربه له وأنه لن يكلفه بشيء إلا وهو أهلٌ له ولا تفوق طاقته بل لديه الطاقة والقوة لتجاوزها وإنجاز أفضل مما كان يريد إنجازه. فالله يختار درب الإنسان وقدره وهو من يرزق الإنسان رزقه كله سبحانه. وكما قيل لمن سقط واحتاج لما يوقفه بقوة من جديد ليقوى ويرضى: "رُبَّ ضارّة نافعة".


تم تحريره بتاريخ ٢٠٢١/٠٣/٠٩م الساعة ٧:١٧م
بقلم ريم القحطاني، فِكْرْ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

توق وشوق لمن يسكن أعماقك رغم كل شيء

تألق وألق يخترق أبعاد الكون